حفل بلا لجان تحكيم.. مصر تهيمن على الجوائز الكبرى في ختام 'الجي سي سي'
أسدل الستار على الدورة السادسة والثلاثين من أيام قرطاج السينمائية، في قاعة الأوبرا بمدينة الثقافة، السبت 20 ديسمبر 2025، بعد أسبوع مُكثّف من العروض والنقاشات واللقاءات المهنية، في حفل اختتام اتّسم بالهدوء الشكلي والجدل العميق.
وانتهت الدّورة بتتويج لافت للسينما المصرية التي حصدت أهم الجوائز الكبرى، وفي مقدّمتها التانيت الذهبي للمسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة، إلى جانب التانيت الذهبي للأفلام القصيرة، في مشهد أعاد النقاش مرّة أخرى حول موازين التتويج ودلالاته الفنية والسياسية.
* اقرأ أيضا: أيام قرطاج السينمائية: الفيلم المصري 'القِصص' يُتوّج بالتانيت الذهبي
"غياب لافت بلا تفسير"
وتأخّر انطلاق الحفل، قبل أن يفتتح بعزف موسيقى أغنيتي 'صندوق عجب' و'ريتك ما نعرف وين' للفنان التونسي لطفي بوشناق، في أجواء بدت أقرب إلى أمسية فنية هادئة منها إلى لحظة إعلان حصاد مهرجان قاري بحجم 'الجي سي سي'، لكن الهدوء سرعان ما كسر بسؤال تردّد همسا ثم جهرا داخل القاعة: أين لجان التحكيم؟
ولم تصعد لجان التحكيم إلى المسرح، ولم تقدّم تقاريرها، ولم تعلن الجوائز بأصوات أعضائها. غياب كامل لم تقدّم بشأنه أي توضيحات رسمية، ما فتح باب التأويل بين كونه خيارا تنظيميا أو موقفا صامتا. وعوض لجان التحكيم، تداول على المنصة ضيوف من تونس وإفريقيا والعالم العربي للإعلان عن الجوائز وتسليمها، في مشهد غير مألوف بتاريخ المهرجان.
مصر في الصدارة
حصد الفيلم المصري 'القِصص' للمخرج أبو بكر شوقي التانيت الذهبي للأفلام الروائية الطويلة، مؤكّدا حضورا مصريا قويا في هذه الدورة التي أشاد جمهورها بعمل مميّز لمخرج اعتاد التتويج في قرطاج فهو الحاصل على التانيت الفضّي بفيلمه 'يوم الدّين' في دورة 2018.
وآل التانيت الفضي لهذا العام لفيلم 'ظل أبي' من نيجيريا للمخرج أكينوالا ديفيز، الذي فاز أيضا بجائزة العمل الأول – الطاهر شريعة، في حين ذهب التانيت البرونزي للفيلم الأردني 'غرق' للمخرجة زين دريعي.
وفي المسابقة الروائية الطويلة، حافظت السينما التونسية على حضور نوعي، إذ فاز فيلم 'صوت هند رجب' لكوثر بن هنية بجائزة لجنة التحكيم الشرفية، وتوّجت سجا كيلاني بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في الفيلم نفسه. وحصد فيلم 'وين ياخذنا الريح' لآمال قلاتي جائزة أفضل سيناريو وجائزة الجمهور وجائزة أفضل سيناريو، في حين نالت الممثلة الإيفوارية ديبورا لوب ناني تنويها خاصا عن دورها في فيلم 'سماء بلا أرض' لأريج السحيري.
أمّا مسابقة الأفلام القصيرة، فشهدت بدورها تتويجا مصريا بالتانيت الذهبي لفيلم "مشاكل داخلية 32 ب" لمحمد طاهر، إلى جانب حضور فلسطيني ولبناني لافت إذ توّج فيلم مهدد بالانقراض" للمخرج سعيد زاغة (فلسطين) بالتانيت الفضّي وكان التانيت البرونزي من نصيب فيلم "عم تسبح" للمخرجة ليليان رحال (لبنان).
ختام مفتوح على الأسئلة
وفي كلمته الختامية، أكّد مدير الدورة طارق بن شعبان على أنّ هذه الدورة شهدت عرض أكثر من 200 فيلم من 44 بلدا، معتبرا أنّ أيام قرطاج السينمائية تواصل لعب دورها كمنصة للتعبير عن قضايا الإنسان العربي والإفريقي، وكفضاء لتلاقح التجارب والرؤى الجمالية. وأعلن بن شعبان أنّ الدورة المقبلة ستتزامن مع الاحتفال بمرور 60 سنة على تأسيس المهرجان، في موعد وصف بالمفصلي في تاريخ هذه التظاهرة العريقة.
وانتهت الدورة 36 بجوائز واحتفاء هادئ، لكن أيضا بعلامات استفهام كبرى: حول الغياب، وحول آليات التتويج، وحول مستقبل مهرجان ظلّ، لعقود، مرآة لنبض السينما العربية والإفريقية. وهي أسئلة، بقدر ما تحرج، بقدر ما تؤكّد أن أيام قرطاج السينمائية مازالت حيّة، تثير الجدل، وتستفز النقاش، وهذا في حد ذاته، جزء من روحها وكيانها.
الواثق بالله شاكير